إنَّ الذينَ آمَنوا وصَدَقوا في إيمانِهم، وقرَنوهُ بالأعمالِ الموافِقَةِ للشَّريعَة، المَرضِيَّةِ عندَ رَبِّهم، سَيَجعَلُ اللهُ لهمْ مَوَدَّة، فيُحِبُّهم، ويَغرِسُ في قُلوبِ عِبادِهِ الصَّالِحينَ حُبَّهم.
وفي حَديثٍ رَواهُ التِّرمذِيُّ وصَحَّحَه، قَولُهُ صلى الله عليه وسلم: "إذا أحَبَّ اللهُ عَبدًا نادَى جِبريلَ: إنِّي قدْ أحبَبْتُ فُلانًا فأَحِبَّهُ". قال: "فيُنادِي في السَّماء، ثمَّ تَنزِلُ لهُ المَحبَّةُ في أهلِ الأرض، فذلكَ قَولُ الله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً}. وإذا أبغَضَ اللهُ عَبدًا نادَى جِبريلَ: إنِّي أبغَضْتُ فُلانًا. فيُنادِي في السَّماء، ثمَّ تَنزِلُ لهُ البَغضاءُ في الأرض".
قالَ الحافِظُ ابنُ حجَرٍ في الفَتح: يُؤخَذُ منهُ أنَّ مَحبَّةَ قُلوبِ النَّاسِ عَلامَةُ مَحبَّةِ الله.
والمُرادُ بمَحَبَّتِهِ سُبحانَه، إرادَةُ الخَيرِ للعَبد، وحصُولُ الثَّوابِ له.
وبمحَبَّةِ الملائكة: استِغفارُهمْ له، وإرادَتُهمْ خَيرَ الدَّارَينِ له، ومَيلُ قُلوبِهمْ إليه، لكَونهِ مُطيعًا لله، مُحِبًّا له.
ومحبَّةُ العِباد: اعتِقادُهمْ فيهِ الخَير، وإرادَتُهمْ دَفعَ الشَّرِّ عَنهُ ما أمكَن. قلت: والدُّعاءُ لهُ في ظَهرِ الغَيب.
{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا } محبة في قلوب المؤمنين قيل : نزلت في علي بن أبي طالب وقيل : في عبد الرحمن بن عوف
إن الذين آمنوا بالله واتَّبَعوا رسله وعملوا الصالحات وَفْق شرعه, سيجعل لهم الرحمن محبة ومودة في قلوب عباده.