إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا
إنَّا عرَضْنا الفرائضَ والتَّكاليفَ على السَّماواتِ والأرضِ والجِبال، وأوجَبْنا تلقِّيها بحُسنِ الطَّاعَةِ والانقياد، والمحافَظةَ عليها وأداءَها وعدَمَ الإخلالِ بها، فإنْ أحسنَتْ أُثيبَت، وإنْ عصَتْ وضيَّعَتْ عُوقِبَت، عرَضْناها عَليها عَرْضَ تَخييرٍ لا إجبَار، فأبَتْ أنْ تَحمِلَ هذهِ الأمانَة، خَوفًا مِنْ أنْ لا تَقومَ بحَقِّها. وعرَضَ اللهُ هذهِ الأمانةَ على الإنسَان، إنْ قامَ بحَقِّها أُثيب، وإنْ ترَكَها عُوقِب، فقَبِلَ حَملَها، وبيَّنَ استِعدادَهُ للالتِزامِ بها، والمُحافظَةِ عَليها، وأدائها كما يَجِب، إنَّهُ كانَ بذلكَ مُفرِطًا في الظُّلمِ لنَفسِهِ والإضرارِ بها، مُبالِغًا في الجَهلِ بما قَبِلَه، مُعتَدًّا بنَفسِهِ عندَما وافَقَ على شُروطِ هذهِ الأمانَةِ الصَّعبَة.
{ إنا عرضنا الأمانة } الفرائض التي افترض الله سبحانه على العباد وشرط عليهم أن من أداها جوزي بالإحسان ومن خان فيها عوقب { على السماوات والأرض والجبال } أفهمهن الله سبحانه خطابه وأنطقهن { فأبين أن يحملنها } مخافة وخشية لا معصية ومخالفة وهو قوله : { وأشفقن منها } أي : خشين منها { وحملها الإنسان } آدم عليه السلام { إنه كان ظلوما } لنفسه { جهولا } غرا بأمر الله سبحانه وما احتمل من الأمانة ثم بين أن حمل آدم عليه السلام هذه الأمانة كان سببا لتعذيب المنافقين والمشركين.
إنا عرضنا الأمانة -التي ائتمن الله عليها المكلَّفين من امتثال الأوامر واجتناب النواهي- على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وخفن أن لا يقمن بأدائها وحملها الإنسان والتزم بها على ضعفه، إنه كان شديد الظلم والجهل لنفسه.