تفسير: يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا...

الآية

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا

سورة: الأحزاب
من آية: 53
إلى آية: 53
الواضح في التفسير - محمد خير رمضان يوسف

أيُّها المؤمِنون، لا تَدخُلوا مَنازِلَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنْ تُدْعَوا إلى طَعامٍ فيُؤذَنَ لكمْ لِتأكُلوه، غَيرَ مُنتَظِرِينَ نُضْجَهُ واستِواءَه، ولكنْ إذا دُعِيتُمْ فادخُلوا وكُلُوا، فإذا أكَلتُمْ فتَفَرَّقوا واخرُجوا مِنْ مَنزِلِه، ولا تَجلِسوا لتَستأنِسوا بالحَديث، فإنَّ ذلكَ يَشُقُّ على النبيِّ لأُمورٍ تَخصُّهُ وأهلَه، وهوَ يَستَحيي أنْ يَطلُبَ منكمُ الانصِراف، واللهُ لا يَترُكُ تأديبَكمْ وبيانَ الحَقِّ حيَاءً.

وإذا أرَدتُمْ حاجَةً مِنْ أزواجِهِ، فاطلبوها مِنْ وراءِ سِتر، فهوَ أطهَرُ وأطيَبُ لقُلوبِكمْ وقُلوبِهنَّ مِنَ الشُّكوكِ والخَواطرِ الشَّيطانيَّة.

ولا يَحِلُّ ولا يَستَقيمُ لكمْ أنْ تَفعَلوا ما يتأذَّى منهُ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ويَكرَهُهُ في شَيءٍ مِنَ الأشيَاء، ولا أنْ تَنكِحوا زَوجاتِهِ بعدَ وفاتِهِ أبَدًا، فإنِّ ذلكَ كانَ عندَ اللهِ أمرًا عَظيمًا وذَنْبًا كبيرًا.

تفسير الواحدي (الوجيز)

{ يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي } الآية نزلت في ناس من المؤمنين كانوا يتحينون طعام النبي صلى الله عليه و سلم فيدخلون عليه قبل الطعام إلى أن يدرك ثم يأكلون ولا يخرجون فكان النبي صلى الله عليه و سلم يتأذى بهم وهو قوله : { غير ناظرين إناه } أي : منتظرين إدراكه { ولا مستأنسين لحديث } طالبين الأنس { والله لا يستحيي من الحق } لا يترك تأديبكم وحملكم على الحق { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } إذا أردتم أن تخاطبوا أزواج النبي صلى الله عليه و سلم في أمر فخاطبوهن من وراء حجاب وكانت النساء قبل نزول هذه الآية يبرزن للرجال فلما نزلت هذه الآية ضرب عليهن الحجاب فكانت هذا آية الحجاب بينهن وبين الرجال { ذلكم } أي : الحجاب { أطهر لقلوبكم وقلوبهن } فإن كل واحد من الرجل والمرأة إذا لم ير الآخر لم يقع في قبله { وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله } أي : ما كان لكم أذاه في شيء من الأشياء { ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا } وذلك أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه قال : لئن قبض رسول الله صلى عليه وسلم لأنكحن عائشة رضي الله عنها وعن أبيها فأعلم الله سبحانه أن ذلك محرم بقوله : { إن ذلكم كان عند الله عظيما } أي : ذنبا عظيما.

التفسير الميسر

يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه لا تدخلوا بيوت النبي إلا بإذنه لتناول طعام غير منتظرين نضجه، ولكن إذا دعيتم فادخلوا، فإذا أكلتم فانصرفوا غير مستأنسين لحديث بينكم؛ فإن انتظاركم واستئناسكم يؤذي النبي, فيستحيي من إخراجكم من البيوت مع أن ذلك حق له، والله لا يستحيي من بيان الحق وإظهاره. وإذا سألتم نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة من أواني البيت ونحوها فاسألوهن من وراء ستر؛ ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن من الخواطر التي تعرض للرجال في أمر النساء، وللنساء في أمر الرجال؛ فالرؤية سبب الفتنة وما ينبغي لكم أن تؤذوا رسول الله، ولا أن تتزوجوا أزواجه من بعد موته أبدًا؛ لأنهن أمهاتكم، ولا يحلُّ للرجل أن يتزوج أمَّه، إنَّ أذاكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكاحكم أزواجه من بعده إثم عظيم عند الله. (وقد امتثلت هذه الأمة هذا الأمر، واجتنبت ما نهى الله عنه منه).

للمشاركة بالمقالات في الشبكة
نرحب بمشاركاتكم ومقالاتكم لنشرها في الشبكة، للمشاركة يمكنكم الضغط هنا