يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا
أيُّها المؤمِنون، اذكرُوا فَضلَ اللهِ ونِعمتَهُ العَظيمَةَ عَليكمْ في غَزوَةِ الأحزَاب، عندَما حُوصِرتُمْ معَ الرَّسُولِ في المَدينَة، إذْ جاءَتْكمْ جُيوشُ قُرَيشٍ وغَيرِها مِنَ القبائلِ العَربيَّةِ واجتمعَتْ على مُحاربَتِكم، فأرسَلنا عَليهمْ ريحًا شَديدَة، لم تُبْقِ لهمْ خَيمَةً ثابِتَة، ولا نارًا مُوقَدَة، وأرسَلنا عَليهمْ جُنودًا لم ترَوها، همُ المَلائكة، ألقَتْ في قُلوبِ الأحزَابِ الرُّعبَ والخَوف، فلم يَقِرَّ لهمْ قَرار، فانهزَموا.
وكانَ اللهُ بَصيرًا بما تَعمَلون، مِنْ بَذلِ جُهدِكمْ لنُصرَةِ دِينِ اللهِ ومُوالاةِ رَسولِه، والتِجائكمْ وتَضَرُّعِكمْ إلى رَبِّكمْ ليَكُفَّ شَرَّهُمْ عَنكمْ ويَنصُرَكمْ عَليهم.
{ يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود } يعني : الأحزاب وهم قريش وغطفان قريظة والنضير حاصروا المسلمين أيام الخندق { فأرسلنا عليهم ريحا } وهي الصبا كفأت قدورهم وقلعت فساطيطهم { وجنودا لم تروها } وهم الملائكة { وكان الله بما يعملون } من حفر الخندق { بصيرا }.
يا معشر المؤمنين اذكروا نعمة الله تعالى التي أنعمها عليكم في "المدينة" أيام غزوة الأحزاب -وهي غزوة الخندق-، حين اجتمع عليكم المشركون من خارج "المدينة" واليهود والمنافقون من "المدينة" وما حولها، فأحاطوا بكم، فأرسلنا على الأحزاب ريحًا شديدة اقتلعت خيامهم ورمت قدورهم، وأرسلنا ملائكة من السماء لم تروها، فوقع الرعب في قلوبهم. وكان الله بما تعملون بصيرًا، لا يخفى عليه من ذلك شيء.