فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ
فلا تَلتَفِتْ إليهمْ ولا تَحزَنْ عَليهم، واهتَمَّ بما أمرَكَ اللهُ به، وسَدِّدْ وجهَكَ نَحوَ دينِه، مائلاً مِنْ كُلِّ باطِلٍ إليه، واستَقِمْ عَليه، فهوَ ما هداكَ اللهُ إليه، وفطرَ النَّاسَ عَليه، لأنَّهُ دِينُ التَّوحيد، الذي يُطابِقُ الفِطرَةَ السَّليمَة، لا يَنحَرِفُ عَنهُ إلاّ مُعانِدٌ مُستَكبِر. لا تَغييرَ لدِينِ الله، فالدِّينُ والفِطرَةُ: الإسلام، الذي هوَ دِينُ الأنبِياءِ جَميعًا، الدِّينُ الذي لا عِوَجَ ولا انحِرافَ فيهِ عنِ الحَقّ، ولكنَّ أكثرَ النَّاسِ لا يَعلَمون، ولذلكَ فهمْ يَصُدُّونَ عَنه.
{ فأقم وجهك للدين حنيفا } أي : أقبل عليه ولا تعرض عنه { فطرة الله } أي : اتبع فطرة الله أي : خلقة الله التي خلق الناس عليها وذلك أن كل مولود يولد على ما فطره الله عليه من أنه لا رب له غيره كما أقر له لما أخرج من ظهر آدم عليه السلام { لا تبديل لخلق الله } لم يبدل الله سبحانه دينه فدينه أنه لا رب غيره { ذلك الدين القيم } المستقيم.
فأقم -أيها الرسول أنت ومن اتبعك- وجهك واستمر على الدين الذي شرعه الله لك وهو الإسلام الذي فطر الله الناس عليه فبقاؤكم عليه وتمسككم به تمسك بفطرة الله من الإيمان بالله وحده، لا تبديل لخلق الله ودينه، فهو الطريق المستقيم الموصل إلى رضا الله رب العالمين وجنته، ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الذي أمرتك به -أيها الرسول- هو الدين الحق دون سواه.