ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ
ضربَ اللهُ لكمْ مثَلاً يَتبيَّنُ فيهِ بُطلانُ الشِّرك، تَفهَمونَهُ مِنْ أنفُسِكم: هلْ يَرضَى أحَدُكمْ أنْ يَكونَ عَبيدٌ لهُ شُرَكاءَ لهُ في مالِه، فتَكونونَ أنتُمْ وهمْ سَواءً في المَال؟ تَخافونَ أنْ يَشارِكوكمْ ويُقاسِموكمْ فيهِ كما تَخافونَ أنْ يَشارِكَكمُ الحُرُّ في مالٍ بينَكما؟ إنَّ أحدَكمْ لا يَرضَى ذلكَ ولا يَخافُ منه، لأنَّ هذا الأمرَ غَيرُ جارٍ أصلاً، فالعَبيدُ كالمالِ مَملوكون. فإذا لم تَرضَوا بهذا لأنفُسِكم، ولم تَخافُوا منه، فكيفَ تَرضَونَ أنْ تَكونَ أصنامُكمُ التي تَعبدُونَها شُرَكائي وهيَ مِنْ عَبيدي ومَخلوقاتي؟!
وبمِثلِ هذا نُفَصِّلُ الآياتِ ونُبَيِّنُها، لقَومٍ يَستَعمِلونَ عُقولَهم، ويتدَبَّرونَ في ضَربِ الأمثَالِ لهم.
{ ضرب لكم مثلا } بين لكم شبها في اتخاذكم الأصنام شركاء مع الله سبحانه { من أنفسكم } ثم بين ذلك فقال : { هل لكم من ما ملكت أيمانكم } من العبيد والإماء { من شركاء في ما رزقناكم } من المال والولد أي : هل يشاركونكم فيما أعطاكم الله سبحانه حتى تكونوا أنتم وهم { فيه سواء تخافونهم } أن يرثوكم كما يخاف بعضكم بعضا أن يرثه ماله والمعنى : كما لا يكون هذا فكيف يكون ما هو مخلوق لله تعالى مثله حتى يعبد كعبادته.
ضرب الله مثلا لكم -أيها المشركون -من أنفسكم: هل لكم من عبيدكم وإمائكم مَن يشارككم في رزقكم وترون أنكم وإياهم متساوون فيه تخافونهم كما تخافون الأحرار الشركاء في مقاسمة أموالكم؟ إنكم لن ترضوا بذلك فكيف ترضون بذلك في جنب الله بأن تجعلوا له شريكًا من خلقه؟ وبمثل هذا البيان نبيِّن البراهين والحجج لأصحاب العقول السليمة الذين ينتفعون بها.