الشيخ العالم الفقيه خليل أحمد بن مجيد علي الأنصاري الأنبيثهوي السهارنفوري، أحد العلماء الصالحين وكبار الفقهاء والمحدثين. وُلد في أواخر صفر سنة 1269 ھ في قرية نانوته من أعمال سهارنبور ونشأ ببلدة انبيثهه من أعمال سهارنبور، وقرأ العلم على خاله الشيخ يعقوب النانوتوي والشيخ محمد مظهر النانوتوي وعلى غيره من العلماء في دار العلوم ديوبند، وفي مظاهر العلوم بسهارنبور، وفي غيرها من المدن.
ثم عمل أستاذًا في عدد من المدارس إلى أن اُختير أستاذاً في دار العلوم بديوبند في سنة 1308 ھ، ومكث ست سنين، ثم انتقل إلى مظاهر العلوم وتولى رئاسة التدريس فيها، واستقام على ذلك أكثر من ثلاثين سنة، وتولى نظارتها سنة 1325ھ، وصرف همته إليها ونالت به المدرسة القبول العظيم، وطبقت شهرتها أرجاء الهند، وأمها الطلبة من الآفاق، إلى أن غادرها في سنة 1344ھ إلى الحرمين الشريفين وأقام في المدينة المنورة بنية الهجرة فلم يرجع إليها.
وكان قد بايع الإمام العلامة رشيد أحمد الكنكوهي بعد ما فرغ من التحصيل واختص به اختصاصًا عظيمًا حتى أصبح من أخص أصحابه وأكبر خلفائه. وحصلت له الإجازة في الطريق من الشيخ الحاج إمداد الله المهاجر المكي، والشيخ رشيد أحمد الكنكوهي، كما حصلت له الإجازة في الحديث عن كبار المسندين كالشيخ محمد مظهر النانوتوي، والشيخ أحمد دحلان مفتي الشافعية، والشيخ عبد الغني المجددي، وعني بالحديث عناية عظيمة تدريساً وتأليفاً، ومطالعة وتحقيقاً، فبدأ في تأليف "بذل المجهود في حل أبي داود" سنة 1335، ويساعده في التأليف تلميذه البار الشيخ زكريا الكاندهلوي إلى أن أتمه في خمسة مجلدات كبار سنة 1345ھ وقد صب فيه الشيخ عصارة علمه، وحصيلة دراسته، ثم مكث في المدينة المنورة يصرف أكثر أوقاته في تلاوة القرآن، وبقي في جوار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، مشغول الجسم بالعبادة والذكر، منقطعاً عما سواه حتى أجاب داعي الله في المدينة المنورة. كان الشيخ خليل أحمد له الرسوخ التام في الفقه والحديث وعلوم الدين، واليد الطولى في الجدل والخلاف، وكانت له ملكة كبيرة في إرشاد الطالبين، والتبصر في غوامض الطريق وغوائل النفوس، صاحب نسبة قوية، نفع الله به خلقاً كثيراً، وخرج على يده جمعاً من العلماء والمشايخ، قاموا بخدمات جليلة في نشر العلوم الدينية، وتصحيح العقائد وتربية النفوس، والدعوة والإصلاح، من أجلهم المصلح الكبير الشيخ محمد إلياس بن إسماعيل الكاندهلوي صاحب "الدعوة والتبليغ" المنتشرة في العالم، والمحدث الجليل الشيخ محمد زكريا بن يحيى الكاندهلوي وغيرهما. وكان صادعاً بالحق صريحاً في الكلام في غير جفاء، شديد الاتباع للسنة، نفوراً عن البدعة، كثير الإكرام للضيوف، يحب النظام في كل شيء والمواظبة على الأوقات، مشتغلا بما ينفع في الدين متنحياً عن السياسة مع الاهتمام بأمور المسلمين، والحمية والغيرة في الدين. ومن مؤلفاته:
- المهند على المفند، فيه رد على ما افترى المولوي أحمد رضا خان البريلوي، على كبار علماء ديوبند، فأخذ الفتاوى في تكفيرهم من بعض علماء الحرمين الشريفين بتلبيس ودجل.
- إتمام النعم على تبويب الحكم
- مطرقة الكرامة على مرآة الإمامة
- هدايات الرشيد إلى إفحام العنيد، كلاهما في الرد على الشيعة الإمامية،
- بذل المجهود في شرح سنن أبي داود.
- البراهين القاطعة على ظلام الأنوار الساطعة.
- الفتاوى الخليلية في مجلد.
كانت وفاته بعد العصر من يوم الأربعاء في 16 ربيع الآخر سنة 1346ھ في المدينة المنورة، ودفن في البقيع لدى مدفن أهل البيت.
نزهة الخواطر للعلامة عبد الحي الحسني. مشاهير الهند للأستاذ أسير الأدروي.