خطبة: إدارة الأزمات في عهد عمر بن الخطاب

خطبة: إدارة الأزمات في عهد عمر بن الخطاب

الحمد لله الذي أكرمَ الأمةَ بدينِ الإسلام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ولا نِدَّ ولا مثيلَ له في الأنام، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه وخيرتُه من خلقِه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه وعلى آله وصحبِه صلاةً وسلامًا دائمَين ما تعاقَبَت الليالي والأيام ، أما بعد:
أيها المسلمون : تعرّضت الدولة الإسلامية في عهد عمر -رضي الله عنه- للإبتلاء، وهذه السُّنة جارية في الأمم والدول والشعوب والمجتمعات ، والأمة الإسلامية أمة من الأمم، فسنة الله فيها جارية لا تتبدل ولا تتغير، يقول الله { وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ } [البقرة ].
ومن أعظم الإبتلاءات في عهد عمر : عام الرمادة، وقد ذكر ابن منظور وغيره سبب تقييد هذا العام بهذا الوصف، فقال: «وعام الرمادة معروف، سمي بذلك لأن الناس والأموال هلكوا فيه كثيرا، والرمد والرمادة الهلاك، وقيل هو الجدب تتابع فصيّر الأرض والشجر مثل الرماد، والأول أجود». وعن عوف بن الحارث عن أبيه قال: «سمي ذلك العام عام الرمادة، لأن الأرض كلها صارت سوداء، فشبهت بالرماد». ففي السنة الثامنة عشرة من الهجرة كانت مدينة رسول الله –صلى الله عليه وسلم- وما حولها من البوادي على موعد مع مجاعة لم تعرفها العرب في تاريخها، وقعتْ هذه المسغبة بعد انقطاع المطر عن أرْض الحِجاز مدةً طويلة، فحصل القحْط، ومات الزَّرْع، وقلَّتِ اللقمة، وعُدِم أطايب الأكْل، ونزر الكلام، وكفَّ السائلون عن السؤال، وهزلتِ المواشي، فكان الرجل يذبح الشاةَ فيعافها مِن قُبْحها، وحصلتْ مسغبةٌ ما عرفتْها العرب في أيَّامها؛ حتى كان الرجلُ القويُّ يتلوَّى بيْن أهله من شدَّة المخمصة، ومات كثيرٌ من الأطفال والنِّساء في تلك السَّنة. وانجفل أهلُ البادية إلى المدينة، لعلَّهم يجدون عندَ الخليفة ما يسدُّ حاجتهم، ويُسكت بطونَهم، وكانت أعدادهم تزيد على ستِّين ألفًا، وبقوا أشهرًا عدَّة، ليس لهم طعامٌ إلا ما يُقدَّم لهم من بيت مال المسلمين، أو مِن أهل المدينة آنذاك. ولما حلت الأزمة بالمسلمين لم يقف عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" مكتوف الأيدي، بل قام بإجراءات وتدابير مهمة جدا، وطبقها بصرامة شديدة كما هو معروف عنه، مما ساهم بشكل كبير في إنقاذ الأمة الإسلامية من كارثة إنسانية، واستطاع الفاروق إدارة هذه الأزمة العصيبة التي مرت على المسلمين، أدارها بحكمة ودراية أخذًا بالأسباب جميعها متوكلًا على الله تعالى، وطرق تعامل الفاروق عمر بن الخطاب مع أزمة الرمادة من منظور تربوي إسلامي، تحمل كثيرا من الدروس التي تحتاجها الامة الإسلامية والعالم في أزمته اليوم مع فيروس كورونا، وما سببه من أزمات اقتصادية وإنسانية وصحية، وعوز لكثير من الأسر التي توقفت أعمالها ونضبت أرزاقها نتيجة الحظر والعزل للوقاية من الإصابة بالمرض وللحد من انتشار الفيروس الذى ما زالت الأجهزة الطبية في العالم تجهل طرق ووسائل الحد منه.
وكان من أهم تلك الإجراءات والتدابير التي اتخذها أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه :
أولًا : حث الناس على كثرةِ الصلاة والدعاء واللجوء إلى الله، لقد فقه الفاروق -رضي الله عنه- أنَّ هذه الصِّعابَ ليس لها كاشف إلا مسبِّبها فكان عمر في تلك المَخْمصة كثيرَ التضرُّع لربِّه، منكسرَ الحال، ملازمًا للصلاة. ولم ينقطع لسانُه عن الاستغفار، قال ابن سعد في الطبقات من خبر عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: " كان عمر بن الخطاب أحدث في عام الرمادة أمراً ما كان يفعله، لقد كان يصلي بالناس العشاء، ثم يخرج حتى يدخل بيته، فلا يزال يصلي حتى يكون آخر الليل، ثم يخرج فيأتي الأنقاب [ أطراف المدينة ] فيطوف عليها، وإني لأسمعه ليلة في السَّحَر يقول : اللهمَّ لا تجعل هلاكَ أمَّة محمَّد على يدي". وكان يقول: "اللهمَّ لا تهلكْنا بالسنين أي القحط، وارْفع عنَّا البلاء". وخرَج عمر مرة إلى المصلَّى يستسقي، ومعه الناس، والضَّعَفة والأطفال، فخرج متواضعًا متضرِّعًا متخشعًا، فصلَّى بالناس ركعتين، لم يدرِ الناس ما يقول من البُكاء، ثم وعظ الناسَ وذكَّرهم، ثم ألحَّ في الدعاء، والمسألة، وكان من سؤاله: "اللهم عجزتْ لنا أنصارُنا، وعجزتْ عنا حَوْلُنا وقوتنا، وعجزت عنَّا أنفسنا" وروى ابن أبي الدنيا بسنده إلى الشعبي قال: خرج عمر يستسقي بالناس، فما زاد على الاستغفار حتى رجع، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما نراك استسقيت! فقال: لقد طلبت المطر بمحاديج السماء التي يُستنزل بها المطر؛ ثم قرأ: "اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا" ثم قرأ: "وَأَنِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ" وكان ينادي في الناس: أيها الناس استغفروا ربكم ثم توبوا إليه وسلوه من فضله، واستسقوا سقيا رحمة. ثم أخذ بيد العباس بن عبد المطلب، فقال: "اللهم إنا كنَّا نستسقي إليك بنبيِّنا فتسقينا، وإنا نتوسَّل إليك بعمِّ نبينا فاسْقنا"، وكان العبَّاس قد طال عمرُه، ورقَّ عظمُه، فجعلت عيناه تذرفان، وهو يقول: "اللهمَّ أنت الراعي فلا تُهملِ الضالَّة، ولا تَدعِ الكسير بدار مضيعة، فقد صرَخ الصغير، ورقَّ الكبير، وارتفعتِ الشَّكْوى، وأنت تعلم السِّرَّ وأخفى، فأغْنِنا بغناك" وقال "رضي الله عنه" : «اللهم إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه القوم بي إليك لمكاني من نبيك، وهذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا الغيث».فاستجاب الله الدعاء، وعمَّت الرحمة، وأرسلتِ السماء خيراتِها.
ثانياً : فعّل مبدأ التكافل الإجتماعي بين المسلمين فطلب، المدد من الأقاليم التي لم تصب بالجفاف والفقر وكتب إلى عماله في الأمصار طالبا الإغاثة. وفي رسالته إلى عمروِ بنِ العاص والي مصر بعث إليه : يا غوثاه يا غوثاه، أنت ومن معك ومَن قِبَلك وما أنت فيه، ونحن ما نحن فيه، فأرسل إليه عمرو بألف بعير تحمل الدقيق، وبعث في البحر بعشرين سفينة تحمل الدهن، وبعث إليه بخمسةِ آلاف كِساء، وأرسل إلى سعد بن أبي وقاص فأرسل له بثلاثةِ آلاف بعير تحمل الدقيق، وبعث إليه بثلاثةِ ألاف عباءة، وأرسل إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام وسعد بن ابي وقاص فأمدوه بألفي بعير تحمل الزاد من الأغذية والملابس، ونحوُ ذلك مما حصل من مواساة المسلمين لبعضهم، وهو بذلك يحي الشعور بين المسلمين بانهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر وأشرفَ رضي الله عنه على توزيعها العادل بنفسه ولمس الناس حسن التوزيع وعدالته فلم يختص نفسه او من حوله بشئ يزيد عن الباقين. أخرج ابن سعد عن أسلم قال ( لما كان عام الرمادة جاءت العرب من كل ناحية فقدموا المدينة، فكان عمر قد أمر رجالا يقومون بمصالحهم فسمعته يقول ليلة: “احصوا من يتعشى عندنا”. فأحصوهم من القابلة فوجدوهم سبعة آلاف رجل، وأحصوا الرجال المرضى والعيالات فكانوا أربعين ألفا، ثم بعد أيام بلغ الرجال والعيال ستين ألفا). [سير أعلام النبلاء] وجعل على كل ناحية يقيم فيها مجموعة من الأعراب حول المدينة رجلا يقسم عليهم الطعام فإذا انتهى اليوم اجتمع معهم يستطلع أخبار الطعام وكفايته.
ثالثاً : أخر الزكاة إلى ما بعد الأزمة :ترَك أخْذ الزكاة من الناس ذلك العام فقد روي أنه "رضي الله عنه" لم يأخذ الصدقة من الناس في العام الذي اشتدت فيه الأزمة، وفي العام القابل أخذ زكاة عامين بعد أن أحيا الناس، فلما حَيىَ الناس في العام المقبل أخذ منهم صدقة عامين» وهذا الإجراء الذي قام به الفاروق "رضي الله عنه" « وكان ذلك من حكمة عمر وحسن سياسته ورفقه بالرعية، فأخر الزكاة عن الممولين في عام المجاعة». كما قام عمر -رضي الله عنه- بوقف حد السرقة في عام الرمادة، مما يدل على مكانة عمر بن الخطاب الفقهية، أنه عطّل حد السرقة عام الرمادة، وقال: «لا أقطع في عام سنة» ،وهذا ليس تعطيلاً لهذا الحد، فالذي يأكل ما يكون ملكاً لغيره بسبب شدة الجوع، وعجزه عن الحصول على الطعام يكونُ غير مختار، فلا يقصد السرقة. ذلك أن الناس إذا كانت مجاعة وشدة غلب عليهم الحاجة والضرورة، فلا يكاد يسلم السارق من ضرورة تدعوه إلى ما يسد به رمقه، ويجب على صاحب المال بذل ذلك له مجانا على الصحيح، لوجوب المواساة وإحياء النفوس، وهذه شبهة قوية تدرأ القطع عن المحتاج.
أيها المسلمون..
يعرف الرجال عند الشدة كما يقال، وقد تجلت في هذا العام شخصية عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" ، بوصفه حاكما فذا، وراعيا مسؤولا، حمله الله أمانة رعيته، وتجلى فيه فقهه الديني والدنيوي، وسياسته الشرعية التي رسمها، وسار عليها في معالجته لهذه الأزمة الخانقة، حتى أذن الله بانفراجها.ثم بعد أن أخرجتِ الأرض خيرَها، وعمَّتْ بركتُها، وزال الضِّيق، ورُفِعتِ الكربة، ولهجتِ الألسن بحمد الله وشُكْره، فجعل الناس يترحَّلون من المدينة بعدَ أيام عَنَت ومشقَّة عاشوا فيها، وفقدوا فيها أحبابَهم. وجعل الفاروق - رضي الله عنه - يسير معهم، ويودعهم بدمعات حارَّة، يرى تلك الوفود التي آوتْ إليه جائعةً متهالكة خائفة، ها هي الآن تعود إلى دِيارها ومساكنها، آمنةً مطمئنة، معها الزادُ والخير الكثير، فقال رجل لعمر في هذا المظهر المهيب: أشهد أنَّها انحسرتْ عنك، وَلَسْتَ بِابْنِ أَمَةٍ، فقال له عمر: "ويلَك! ذلك لو كنتُ أنفقتُ عليهم من مالي أو مِن مال الخطَّاب، إنما أنفقتُ عليهم من مال الله - عزَّ وجلَّ -" أقول ما قد سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.
الخطبة الثانية :
الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى.. أما بعد:
فيا أيُّها المسلمون ، لقد علَّم الفاروق - الأمَّةَ مِن بعده دروسًا كثيرةً عام الرَّمادة :
فعلَّم الأمَّة : استشعارَ عظمة المسؤولية لكلِّ صاحب ولاية عامَّة أو خاصَّة، تتعلَّق بمعاشِ الناس وعَيْشهم ورِزقهم، أن يتقيَ ربَّه في أمْر الناس، وأن يستشعرَ حاجاتهم، ويتابع معاناتهم، حتى يرَى الناس فِعالَه قبل كلامه، في رَفْع الشِّدَّة عنهم، وتخفيف الضُّرِّ الذي أصابَهم.
وعلَّم عمرُ الأمَّةَ أيضًا صِدْقَ اللجوء إلى الله في المُلمَّات، وشكاية الحال إليه في الأزَمات، وأنَّ هذا هو أولُ خُطوة صحيحة تَستدفع بها الأمَّةُ الخطوبَ، وتستكشف عنها الكروب قال الله ( لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ ٱللَّهِ كَاشِفَةٌ ) (النجم ) وقال ( وَإِن يَمْسَسْكَ ٱللَّهُ بِضُرٍّۢ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍۢ فَلَا رَآدَّ لِفَضْلِهِ ) وقال رسول الله « لا يرد القدر إلا الدعاء»‏ أخرجه الحاكم وغيره.
وعلَّمتْنا مدرسةُ الفاروق أيضًا: أنَّ التخطيط السَّليم والتدبير الحَكيم مِن أنجحِ الطُّرق للخروج مِن الأزمات، وعلَّم عمرُ الأمَّة من بعده مبدأَ التضامن الإسلامي، وأن يسعَى المسلِمون في مواساةِ إخوانهم المنكوبين والمحصورين، فـ ((المسلِم أخو المسلِم))، و ( المسلِمون كالجَسد الواحد، إذا اشْتكى منه عضوٌ تَدَاعى له سائرُ الجسَد بالسَّهر والحُمَّى ). فلا تكن هذه المعاني - عباد الله - مجرَّد ألفاظ تلوكها الأفواه، وتستعذِبها القرائح، ولا رصيدَ لها في تطبيقات الواقِع. أمَّا حال عمر -رضي الله عنه- مع تلك المجاعة، فلا تسلْ عن حاله؛ تغيَّرت عليه الدنيا، وأظلمتْ عليه المدينة، طال كمدُه، وتغيَّر لونُه، وذبل جسمُه، وحمل همًّا لا تتحمله الجبال الرواسي.فكان لا ينام إلا غِبًّا، ولا يأكل إلا تقوتًا، ولا يلبس إلا خَشِنًا. بل كان أولَ مَن جاع وآخِرَ مَن شبع، ما قَرُب امرأة من نِسائه زمنَ الرمادة، عاش كما يعيش الناس، تنفَّس همومَهم وغمومَهم، وذاق حاجتَهم وفاقتَهم، لقد أحسّ عمر بمعاناة الناس، حتى قال أسلم رضي الله عنه: كنا نقول لو لم يرفع الله المَحْل عام الرمادةِ لظننا أن عمر يموت همّا لأمر المسلمين،. كان -رضي الله عنه- أكثرَ الناس إحساسًا بهذا البلاء، وتحملاً لتبعاته، حتى قال أنس رضي الله عنه: كان بطن عمر يقرقر عام الرمادة، وكان يأكل الزيت ولا يأكل السمن، خطَب الناسَ عام الرمادة، فقرقر بطنُه وأمعاؤه من الجوع، حتى سَمعتِ الرعية قرقرةَ بطنه، فطعن بإصبعه في بطنه، فقال: قرقر أو لا تقرقر، إنه ليس لكِ عندنا غيره حتى يُحيىَ الناس [ أي يأتي الله بالحياة والمطر ] وقال: "قرقِرْ أو لا تقرقِر، والله لا تشبع حتى يشبعَ أطفالُ المسلمين. كان -رضي الله عنه- يؤثِر بطعامه الآخرين على نفسه، أمَرَ يومًا بنَحْر جزور وتوزيع لحمِه على أهل المدينة، وعندما جلس عمرُ لغدائه، وجد سنامَ الجذور وكبدَه على مائدته، وهما أطيبُ ما في الجَذور، فسأل: من أين هذا؟! فقالوا: مِن الجزور الذي ذُبِح اليوم، فأزاحه بيده، وقال: بئس الوالي أنا، إن طعمتُ طيبَها، وتركتُ للناس كراديسَها؛ يعني: عظامها، ثم أمر بمأدبته المعهودة، خبز يابس وزَيْت، فجعل يكسِر الخبز ويثرده بالزَّيت، ولم يكملْ هذه الوجبة المتواضعة؛ لأنَّه تذكر أهل بيتٍ لم يأتهم منذ ثلاثة أيام، فأمر خادمَه بحمْل الطعام إلى ذلك البيت. ولم يقتصر هذا المنهج الذي طبقه عمر بن الخطاب على نفسه، بل سلك نفس الأسلوب مع أهل بيته، إذ نظر ذات يوم في عام الرمادة إلى بطيخة في يد بعض ولده، فقال: «بخ بخ يا بن أمير المؤمنين، تأكل الفاكهة وأمة محمد هزلى؟ فخرج الصبي هاربا وبكى، فسكت عمر بعدما سأل عن ذلك فقالوا: اشتراها بكف من نوى». ورفض "رضي الله عنه" أن يركب دابة لأنها راثت شعيرا، ثم قال: «المسلمون يموتون هزلا، وهذه الدابة تأكل الشعير، لا والله لا أركبها حتى يحيا الناس»
إخوة الإيمان:

فإنَّ النفوس بعدَ سماع هذه الأخبار، ونوادر المواقِف، لا يسعها إلا أن تقِفَ خاشعة، مترضيةً عن فاروق الأمَّة، عارفةً فضلَه وفضائلَه، وقِدَمَه وأياديَه على أهل الإسلام، نسأل الله -عزَّ وجلَّ- أن يجمعنا وإيَّاكم مع هذه الصفوة الصادقة في دار كرامته، ومستقر رحمته. وأقم الصلاة.

للمشاركة بالمقالات في الشبكة
نرحب بمشاركاتكم ومقالاتكم لنشرها في الشبكة، للمشاركة يمكنكم الضغط هنا