شروط وجوب الصيام

شروط وجوب الصيام:

شُرُوطُ وُجُوبِ الصَّوْمِ، أَيِ: اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ بِالْوَاجِبِ - كَمَا يَقُولُ الْكَاسَانِيُّ - هِيَ شُرُوطُ افْتِرَاضِهِ وَالْخِطَابِ بِهِ[1]. وَهِيَ:

أ - الإِْسْلاَمُ، وَهُوَ شَرْطٌ عَامٌّ لِلْخِطَابِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ.

ب - الْعَقْلُ، إِذْ لاَ فَائِدَةَ مِنْ تَوَجُّهِ الْخِطَابِ بِدُونِهِ، فَلاَ يَجِبُ الصَّوْمُ عَلَى مَجْنُونٍ إِلاَّ إِذَا أَثِمَ بِزَوَالِ عَقْلِهِ، فِي شَرَابٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَيَلْزَمُهُ قَضَاؤُهُ بَعْدَ الإِْفَاقَةِ[2].

وَعَبَّرَ الْحَنَفِيَّةُ بِالإِْفَاقَةِ بَدَلاً مِنَ الْعَقْلِ، أَيِ الإِْفَاقَةِ مِنَ الْجُنُونِ وَالإِْغْمَاءِ أَوِ النَّوْمِ، وَهِيَ الْيَقَظَةُ[3].

ج - الْبُلُوغُ، وَلاَ تَكْلِيفَ إِلاَّ بِهِ، لأَِنَّ الْغَرَضَ مِنَ التَّكْلِيفِ هُوَ الاِمْتِثَالُ، وَذَلِكَ بِالإِْدْرَاكِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى الْفِعْلِ - كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ فِي الأُْصُولِ - وَالصِّبَا وَالطُّفُولَةُ عَجْزٌ.

وَنَصَّ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِهِ الصَّبِيُّ لِسَبْعٍ - كَالصَّلاَةِ - إِنْ أَطَاقَهُ، وَيُضْرَبُ عَلَى تَرْكِهِ لِعَشْرٍ[4].

وَالْحَنَابِلَةُ قَالُوا: يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ أَمْرُهُ بِالصَّوْمِ إِذَا أَطَاقَهُ، وَضَرْبُهُ حِينَئِذٍ إِذَا تَرَكَهُ لِيَعْتَادَهُ، كَالصَّلاَةِ، إِلاَّ أَنَّ الصَّوْمَ أَشَقُّ، فَاعْتُبِرَتْ لَهُ الطَّاقَةُ ، لأَِنَّهُ قَدْ يُطِيقُ الصَّلاَةَ مَنْ لاَ يُطِيقُ الصَّوْمَ[5].

د - الْعِلْمُ بِالْوُجُوبِ، فَمَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ الْمُوجِبُ، بِإِخْبَارِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ، أَوْ رَجُلٍ مَسْتُورٍ وَامْرَأَتَيْنِ مَسْتُورَتَيْنِ، أَوْ وَاحِدٍ عَدْلٍ، وَمَنْ كَانَ مُقِيمًا فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، يَحْصُلُ لَهُ الْعِلْمُ بِنَشْأَتِهِ فِي دَارِ الإِْسْلاَمِ، وَلاَ عُذْرَ لَهُ بِالْجَهْلِ[6].

 

شُرُوطُ وُجُوبِ أَدَائِهِ:

شُرُوطُ وُجُوبِ الأَْدَاءِ الَّذِي هُوَ تَفْرِيغُ ذِمَّةِ الْمُكَلَّفِ عَنِ الْوَاجِبِ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ[7] هِيَ:

أ - الصِّحَّةُ وَالسَّلاَمَةُ مِنَ الْمَرَضِ، “وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ”[8].

ب - الإِْقَامَةُ، لِلآْيَةِ نَفْسِهَا. قَالَ ابْنُ جُزَيٍّ: وَأَمَّا الصِّحَّةُ وَالإِْقَامَةُ، فَشَرْطَانِ فِي وُجُوبِ الصِّيَامِ، لاَ فِي صِحَّتِهِ، وَلاَ فِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ، فَإِنَّ وُجُوبَ الصَّوْمِ يَسْقُطُ عَنِ الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَيَجِب عَلَيْهِمَا الْقَضَاءُ، إِنْ أَفْطَرَا إِجْمَاعًا، وَيَصِحُّ صَوْمُهُمَا إِنْ صَامَا[9].

ج - خُلُوُّ الْمَرْأَةِ مِنَ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ، لأَِنَّ الْحَائِضَ وَالنُّفَسَاءَ لَيْسَتَا أَهْلاً لِلصَّوْمِ، وَلِحَدِيثِ «عَائِشَةَ لَمَّا سَأَلَتْهَا مُعَاذَةُ: مَا بَالُ الْحَائِضِ، تَقْضِي الصَّوْمَ وَلاَ تَقْضِي الصَّلاَةَ؟ فَقَالَتْ: أَحَرُورِيَّةٌ أَنْتِ؟ قُلْتُ: لَسْتُ بِحَرُورِيَّةٍ، وَلَكِنِّي أَسْأَلُ، قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ، فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ، وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ»[10].

فَالأَْمْرُ بِالْقَضَاءِ فَرْعُ وُجُوبِ الأَْدَاءِ.

وَالإِْجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى مَنْعِهِمَا مِنَ الصَّوْمِ، وَعَلَى وُجُوبِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمَا[11].


[1] مراقي الفلاح ص 348.

[2] الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع للشربيني 2 / 325.

[3] رد المحتار 2 / 81، والبدائع 2 / 88.

[4] انظر الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2 / 325.

[5] كشاف القناع 2 / 308، وانظر المغني 3 / 14.

[6] مراقي الفلاح ص 348، والدر المختار ورد المحتار 2 / 80 و 81، وفتح القدير 2 / 234، وانظر القوانين الفقهية ص 77، والإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع 2 / 325، وكشاف القناع 2 / 308.

[7] مراقي الفلاح وحاشية الطحطاوي عليه 348، وانظر البدائع 2 / 88.

[8] سورة البقرة 185.

[9] القوانين الفقهية ص 78.

[10] حديث عائشة لما سألتها معاذة. أخرجه البخاري (الفتح 1 / 421 ط. السلفية) ومسلم (1 / 265 ط. الحلبي) واللفظ لمسلم.

[11] القوانين الفقهية ص 77، ومغني المحتاج 1 / 432.

للمشاركة بالمقالات في الشبكة
نرحب بمشاركاتكم ومقالاتكم لنشرها في الشبكة، للمشاركة يمكنكم الضغط هنا