حكم الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم

الفُقَهَاءُ فِي المَذَاهِبِ الأربَعَةِ مُجمِعُونَ عَلَى أَنَّهُ لاَ يُصَلَّى عَلَى غَيرِ الأنبِيَاءِ وَالمَلاَئِكَةِ إِلاَّ تَبَعًا، لَكِنَّهُمُ اختَلَفُوا فِي حُكمِ الصَّلاَةِ عَلَى الآلِ تَبَعًا.

فَأَحَدُ رَأيَينِ عِندَ الشَّافِعِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ أَنَّ الصَّلاَةَ عَلَى الآلِ فِي الصَّلاَةِ وَاجِبَةٌ، تَبَعًا لِلصَّلاَةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُستَدِلِّينَ بِمَا رُوِيَ مِن حَدِيثِ كَعبِ بنِ عُجرَةَ قَالَ: «إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ عَلَينَا فَقُلنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَد عَلِمنَا كَيفَ نُسَلِّمُ عَلَيكَ، فَكَيفَ نُصَلِّي عَلَيكَ؟ قَالَ: قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبرَاهِيمَ وَآلِ إِبرَاهِيمَ»[1]. فَقَد أَمَرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بِالصَّلاَةِ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ، وَالأمرُ يَقتَضِي الوُجُوبَ[2].

وَالرِّوَايَةُ الأخرَى فِي المَذهَبَينِ أَنَّهَا سُنَّةٌ، وَهُوَ قَولُ الحَنَفِيَّةِ، وَأَحَدُ قَولَينِ لِلمَالِكِيَّةِ، وَاستَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابنِ مَسعُودٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَلَّمَهُ التَّشَهُّدَ ثُمَّ قَالَ: إِذَا قُلتَ هَذَا - أَو: قَضَيتَ هَذَا - فَقَد تَمَّت صَلاَتُكَ» وَفِي لَفظٍ: «فَقَد قَضَيتَ صَلاَتَكَ، فَإِن شِئتَ أَن تَقُومَ فَقُم»[3]

وَالرَّأيُ الآخَرُ عِندَ المَالِكِيَّةِ أَنَّ الصَّلاَةَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالآلِ تَبَعًا، فَضِيلَةٌ[4].

آلُ البَيتِ وَالإمَامَةُ الكُبرَى وَالصُّغرَى:

لَم يَشتَرِط جُمهُورُ الفُقَهَاءِ أَن يَكُونَ إِمَامُ المُسلِمِينَ (الخَلِيفَةُ) مِن آلِ بَيتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَيَستَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّ الخُلَفَاءَ أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ وَعُثمَانَ لَم يَكُونُوا مِن أَهلِ البَيتِ، بَل كَانُوا مِن قُرَيشٍ[5].

وَمُقتَضَى مُرَاعَاةِ شَرَفِ النَّسَبِ أَنَّهُ فِي الإمَامَةِ الصُّغرَى إِن استَوَوا هُم وَغَيرُهُم فِي الصِّفَاتِ قُدِّمُوا بِاعتِبَارِهِم أَشرَفَ نَسَبًا[6].


[1] حديث: «قولوا: اللهم صل على محمد...» جزء من حديث رواه أحمد، والشيخان، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه عن كعب بن عجرة بلفظ «قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد...» الحديث. (فيض القدير 4 / 529)

[2] الوجيز 1 / 45 ط الآداب والمؤيد.

[3] الشرح الكبير مع المغني 1 / 583، وابن عابدين 1 / 478، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 1 / 251 ورواية: «إذا قلت هذا...» جزء من حديث رواه أبو داود عن ابن مسعود بلفظ: «إذا قلت هذا أو قضيت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد» قال الخطابي: قد اختلفوا في هذا الكلام، هل هو من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول ابن مسعود؟ (معالم السن 1 / 229 ط الأولى المكتبة العلمية، حلب). وقال العراقي: إن الحفاظ متفقون على أنها مدرجة. (عون المعبود 1 / 367 نشر دار الكتاب العربي).

[4] الشرح الكبير بحاشية الدسوقي 2 / 251

[5] ابن عابدين 1 / 368، والأحكام السلطانية للماوردي ص 4 ط مصطفى الحلبي، والأحكام السلطانية لأبي يعلى ص 4 ط مصطفى الحلبي، وشرح الخطيب 4 / 198، ومطالب أولي النهى 1 / 649 ط المكتب الإسلامي.

[6] مراقي الفلاح 164، والشرح الكبير بحاشية الدسوقي 1 / 343، وشرح التحرير بحاشية الشرقاوي 1 / 249 ط عيسى الحلبي، ومطالب أولي النهى 1 / 649

للمشاركة بالمقالات في الشبكة
نرحب بمشاركاتكم ومقالاتكم لنشرها في الشبكة، للمشاركة يمكنكم الضغط هنا