إِنَّ آلَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم المَذكُورِينَ لاَ يَجُوزُ دَفعُ الزَّكَاةِ المَفرُوضَةِ إِلَيهِم بِاتِّفَاقِ فُقَهَاءِ المَذَاهِبِ الأربَعَةِ، لِقَولِهِ عليه الصلاة والسلام: «يَا بَنِي هَاشِمٍ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ عَلَيكُم غُسَالَةَ النَّاسِ وَأَوسَاخَهُم، وَعَوَّضَكُم عَنهَا بِخُمُسِ الخُمُسِ»[1]
وَالَّذِينَ ذُكِرُوا يُنسَبُونَ إِلَى هَاشِمِ بنِ عَبدِ مَنَافٍ، وَنِسبَةُ القَبِيلَةِ إِلَيهِ.
وَخَرَجَ أَبُو لَهَبٍ - وَإِن كَانَ مِنَ الآلِ - فَيَجُوزُ الدَّفعُ إِلَى بَنِيهِ؛ لأَِنَّ النَّصَّ أَبطَلَ قَرَابَتَهُ، وَهُوَ قَولُهُ صلى الله عليه وسلم «لاَ قَرَابَةَ بَينِي وَبَينَ أَبِي لَهَبٍ، فَإِنَّهُ آثَرَ عَلَينَا الأفجَرِينَ»[2] وَلأَنَّ حُرمَةَ الصَّدَقَةِ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ كَرَامَةٌ مِنَ اللَّهِ لَهُم وَلِذُرِّيَّتِهِم، حَيثُ نَصَرُوهُ صلى الله عليه وسلم فِي جَاهِلِيَّتِهِم وَفِي إِسلاَمِهِم. وَأَبُو لَهَبٍ كَانَ حَرِيصًا عَلَى أَذَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَم يَستَحِقَّهَا بَنُوهُ. وَهَذَا هُوَ المَذهَبُ عِندَ كُلٍّ مِنَ الحَنَفِيَّةِ وَالحَنَابِلَةِ. وَفِي قَولٍ آخَرَ فِي كِلاَ المَذهَبَينِ: يَحرُمُ إِعطَاءُ مَن أَسلَمَ مِن آلِ أَبِي لَهَبٍ؛ لأَِنَّ مَنَاطَ الحُكمِ كَونُهُم مِن بَنِي هَاشِمٍ[3].
وَاختُلِفَ فِي بَنِي المُطَّلِبِ أَخِي هَاشِمٍ هَل تُدفَعُ الزَّكَاةُ إِلَيهِم؟
فَمَذهَبُ الحَنَفِيَّةِ، وَالمَشهُورُ عِندَ المَالِكِيَّةِ، وَإِحدَى رِوَايَتَينِ عِندَ الحَنَابِلَةِ، أَنَّهُم يَأخُذُونَ مِنَ الزَّكَاةِ؛ لأَنَّهُم دَخَلُوا فِي عُمُومِ قوله تعالى “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلفُقَرَاءِ وَالمَسَاكِينِ”[4] لَكِن خَرَجَ بَنُو هَاشِمٍ لِقَولِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَنبَغِي لآِلِ مُحَمَّدٍ»[5] فَيَجِبُ أَن يَختَصَّ المَنعُ بِهِم.
[1] حديث: «يا بني هاشم...» غريب بهذا اللفظ كما قال صاحب نصب الراية 2 / 403 ط الأولى المجلس العلمي، وأصله في مسلم في حديث طويل من رواية عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا: «إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس، وإنها لا تحل لمحمد، ولا لآل محمد» (صحيح مسلم بشرح النووي 7 / 177 ـ 181 ط العصرية)
[2] حديث: «لا قرابة بيني...» أورده ابن عابدين 2 / 66 نقلا عن النهر، وفي البحر الرائق 2 / 265 طرف منه نقلا عن المستصفى للنسفي صاحب الكنز، ولم نجد الحديث المذكور في كتب الحديث التي بين أيدينا. وفي البحر الرائق 2 / 265 طرف منه نقلا عن المستصفى للنسفي صاحب الكنز، ولم نجد الحديث المذكور في كتب الحديث التي بين أيدينا.
[3] حاشية ابن عابدين 2 / 66، والهداية 1 / 114، ط مصطفى الحلبي، والبحر الرائق 2 / 265 المطبعة العلمية والإنصاف 3 / 256 ط أنصار السنة.
[5] حديث: «إن الصدقة لا تنبغي...» رواه أحمد، ومسلم عن عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا (الفتح الكبير 1 / 309 ط دار الكتب العربية)