حكايات الجواري والعبيد
من خلال بحثه المستمر والدائب في القضايا الأدبية والنقدية الراهنة؛ يقدم لنا الكاتب الكبير الأستاذ الدكتور حلمي محمد القاعود، دراسته الجديدة التي صدرت عن دار البشير بالقاهرة، ليرصد نوعا طارئا من الروايات التي يسميها "الرواية المضادة".
وهذا النوع من الروايات يستغل ما تحمله الرواية من قدرة على التشويق والتأثير في نفوس القراء، والتسلل بنعومة وسهولة إلى الوجدان والعقل دون مقاومة، فيسعى إلى تقويض اللغة والجماليات، والترويج لوجهات نظر سلبية أو عدوانية أو مخالفة للتصورات الإنسانية، وذلك في إطار من الدعاية الفجة، وتجاوز القواعد الفنية والتقاليد الأدبية. وساعد على ذلك مناخ السيولة الاجتماعية والفكرية، وتحكّم القوى المعادية للقيم الجمالية والإنسانية العليا..
ترتب على ذلك انهيار قيم الإتقان والتجويد، وطفح على سطح المشهد الثقافي أصحاب المواهب الضحلة وأصحاب الأفكار المضادة للهوية، وتوارى كل صاحب موهبة حقيقية، وفكر جاد، ورؤية ناضجة .
لقد تجرأت الرواية المضادة على تشويه التاريخ الناصع، والقيم الجميلة، وقدمت في الأغلب الأعم سرديات تفتقر إلى اللغة الراقية والصورة المضيئة، والفن العالي، وجاءت أقرب إلى المنشورات الدعائية، تحملها لغة هجين لا تستطيع في بعض الأحيان أن تضعها في الفصحى المتوهجة أو العامية المبتذلة!
يقدم الدكتور القاعود قراءة دقيقة مثابرة للأعمال الروائية المضادة التي حظيت بدعاية إعلامية ونقدية واسعة، وينقض أسسها بالعلم والمنطق والإقناع الفني، من خلال نماذج متنوعة لواسيني الأعرج والطاهر وطار ويوسف زيدان ومحمد عبد السلام العمري وإبراهيم عيسى وصبحي موسى ويوسف القعيد وعمار على حسن ورشا سمير وأليف شفق وغيرهم.
إنها حكايات الجواري والعبيد، على الحقيقة والمجاز!