الرواية التاريخية في أدبنا الحديث
كانت الرواية التاريخية من أهم ملامح صعود الحركة الرومانتيكية في الغرب، بوصفها طريقا فنيا ممتعا لاستعادة مآثر الآباء والأجداد والتأسي بها أو تطويرها . واشتهر الروائي الأسكتلندي ذائع الصيت "والتر سكوت" (15 أغسطس 1771 - 21 سبتمبر 1832) بكتاباته الروائية في هذا المجال وتبعه كثيرون وساروا على خطاه.
وماضينا ليس شرًّا كله، وحاضرنا ليس خيرا كله.. ففي الماضي والحاضر من هذا وذاك. في الماضي، كانت هنالك مساحات مضيئة ومشرقة، وهذه المساحات مفيدة، واستدعاؤها ضروري كي نستفيد من معالمها وملامحها ودروسها.. ولعلنا نضيء بها مساحات مماثلة في حاضرنا. وفي الماضي، كانت هنالك مساحات مظلمة وقاتمة.. وهذه المساحات مفيدة أيضًا، واستدعاؤها ضروري، كي نستفيد من عِبرها وعظاتها ونتائجها.. ولعلنا بعدئذ نحافظ على ما عندنا حتى لا يشمله الظلام والقتامة.
وكُتّابُ «الرواية التاريخية» في مصر، في عصرنا الحديث استوعبوا هذا الدرس جيدًا لإيقاظ أمتهم بالفن- على تفاوت فيما بينهم- فأخذوا يحاولون، ويبذلون جهودًا عديدة، أثمرت هذا التراث الهائل الذي يمكن أن نضعه تحت عنوان «الرواية التاريخية».
صحيح أن هناك بعض المحاولات التي نظرت إلى هذا التراث نظرة طائر عابر، وبعضها توقف عند نماذج معينة، وبعضها اكتفى بتناول رواية من هنا، وأخرى من هناك، ولكن يبقى هذا التراث الهائل من «الرواية التاريخية» في حاجة إلى إعادة نظر، وإلى قراءة جديدة تغوص في أعماقه، وتكشف بعض مكنوناته.
وهذا ما حفز المؤلف على تخصيص هذه البحث لدراسة موسعة وممتدة في الرواية التاريخية من خلال اهتمام أكبر، يتوقف عند كثير مما أهمله الدارسون أو مروا عليه مرورا سريعا وخاطفا.
أسلوب القراءة في هذه الدراسة واضحٌ وبسيط، وبعيدٌ عن الثرثرة والترهل، بأمل مساعدة القارئ على فهم النص الروائي وتذوقه، من خلال استشهادات غزيرة، وطويلة في بعض الأحيان، ليعيش القارئ في الجوّ الفني للرواية ويلمس عن قرب أسلوب الكاتب وأداءه التعبيري.
نترك القارئ الكريم ليستمتع بمطالعة هذا الجهد المتميز، الذي بذله الناقد الكبير حلمي القاعود. والله ولي التوفيق.